ads
السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
تحيا مصر تحيا مصر
رئيس مجلس الإدارة
سامح جابر
ads

صباحكم صباح محوج بالأمل والتفاؤل؛ ولذيذ بنكهة الفرحة؛ والسعادة واليسر الذي يأتي بعد العســـر.
فنجاننا اليوم تشاركنا فيه ابنة أخي نهاوند البنوتة الجميلة صاحبة مبدأ ووجهة نظر منذ نعومة أظافرها تربت علي حرية الرأي والتعبير عنه ولديها مواقف كثيرة.
فتاة تخرجت في الجامعة المصرية رفضت الالتحاق بالجامعة الأمريكية كباقي أخواتها أو الجامعة البريطانية كأبناء العموم والأخوال.
واليوم هي معنا ورافضة فرصة زواج من شاب بكل المقاييس شاب فرصة لن تتكرر ولكن رفضها لأسباب جاءت تشرحها لي ولديدة حتى نقف بصفها لإقناع والدها ووالداتها.
جلست نهاوند وبدأت في حوارها مـع ديدة بتلك الكلمات ذكرياتي وطفولتي وكياني كل هذا هو المانع والحائط الصد لرفض زوج المستقبل الذي تارك تاريخه وهارب بغدٍ لأحضان الغرب ولن يعود للوطن.
ديدة... هل تعلمي عندما انتقل بنا أبي لشقتنا الجديدة عشت شهور لا أستطيع النوم وكأن الجدران طابقه علي أنفاسي؛ وأذهب بسيارتي للشقة القديمة وأجلس ساعات أمامها وشريط طفولتي يجري أمامي من أول غرس شجرتي أمام العمارة وأنا صغيرة وكانت الشجرة تنمو وأنا أيضا أكبر لا أنسى لعبي مع بنت الجيران بالساعات. كنا نلبس يوم العيد نفس الفستان ونحمل نفس حقيبة اليد كبرنا سويا ولعبنا وحلمنا؛ ودعونا الله ألا نفترق أبداَ... الضحكة تنقسم نصفين نصف علي الشفاه عندي وتكملتها علي شفاه نغم صديقتي وجارتي وأختي؛هي مرضت عندما تركت الشقة. وأنا تأقلمت علي شقتي الجديدة بعد فتــرة.
أيعقل أستيقظ فجرا علي آذان غريب عني وأصلي بأرض غير مصر، لا أتصور فقد لمة الفطور الرمضاني والسحور في الحسين وصلاة الترويح،لا أتخيل العيد من غير بنات الخال والعم... هذا ظلم...وقسوة.
حلمي... كــــــان تكوين بيت صغيــر في وطني وتربية أولادي علي رسم العلم على حائط غرفتهم وتحيته في الصباح، وزرع شجرة الانتماء أمام باب المنزل نسقيها بالحب كل يوم لتكبر وتفرع أوراقها..
أأترك كل الماضي والحاضر وأيضا المستقبل بوطنــــــي للسفر والعمل والزراعة والبناء في وطـــــــن آخر.. من الصعب
يا ديده نحن ورق في شجرة جذورها أنتم من الصعب أن تخرج الورقة وتلتقي بورقة تاركين الشجرة والجذور ظناَ منهم أنهم يستطيعون تكوين شجرة بدون جذور تلك الأوراق ستكون في مهب الريح ولكن الورقة تخرج من شجرتها لشجرة أخرى لها جذور وورق يحتمون جميعا بالجذور.
ردت ديدة وقالت: نهاوند قرارك حكمتـــي العاطفة فيه أكبر من تحكيم العقـل وأخذتي قرار متســـــــرع؛ وكان يجب عليكي التفكير والمشورة لمن هم أكبر منك ولديهم خبرة عنكي.
نهاوند قالت: جئت اليوم لتسمعيني وأسمعك.
إذا يا حبيبتي من قال: أن الشاب الذي يسافر لبلد غير بلده هو غير وطني وغير منتمي واقتلع جذوره وهارب من وطنه.. الشباب طموحهم زائد وأحلامهم كبيرة قد لا يستطيع الوطن الأم تحقيقها فيسعي إلي الخالة أو العمة لتحقق له البسيط من متطلباته؛ وهنا نهاوند استفسرت من ديدة. يا ديدة السفر ليس للخالة ولا العمة بل لدولة غريبة ليس بيننا صلة قرابة ولا دم ولا أي شيء حتى اللسان ليس بلسان عربي. ديدة أنا أجدني في حيرة، وأريد فهم وإجابة علي تساؤلاتي؟؟؟
هل من يترك الوطن ويُهاجر إلي بلد آخر ساعياَ لإيجاد مكان له بالغربة ؟ هل هو صاحب نفسية مختلفة أو يملك صفات مختلفة عن هذا الشخص الذي لا يهاجر ويترك الوطن؟.أم أن الوطن كان قاسي عليه فقرر يقسو هو الآخر علي الوطن ويهجره ويعيش ببلد ثاني لعله يجد الحنان؟ من تركوا الوطن فيما فكروا؟ وكيف فكروا؟ وهل قسوة الحياة لم تدع لهم مجال للاختيار؟ هل هم مساكين فأنهم لم يقدروا الوطن ولم يفهموا المعني الحقيقي للوطن؟ وهل هربوا من قسوته؟ أم كانوا مضطرين والظروف أجبرتهم؟ وهل هاجروا والوطن مازال بقلوبهم أم تركوه مع ما تركوا وهاجروا؟
حفيدتي الصغيــــرة ما هذه المغالاة في المشاعر. هناك أبناء من وطني هاجروا وتركوا الوطن، والأهل والذكريات. وتركوا كل شيء من وراءهم. ساعين إلي مكان لتحقيق أحلامهم.، وباحثين عن الأمل المفقود. وحنينهم للوطن لم يقل ولم يفطر ويظل حب الوطن يعيش بداخلهم حـــــــب جارف ونجد الحس الوطني لدي المغترب عالي وقوي يحزن بشدة ويفرح بشدة لحال الوطن وبنو وطنه ويتمني أن يكون وطنه أفضل حال من تلك الدول والشعوب وفي تقدم ورقي وغني ونظافة من الدول الأوربية والعربية ويراوده حلم العودة إلي أحضان الوطن وتجده غالب عليه شعور أنه وجه وسفير مصر في الخارج ويعمل علي تحسين صورة مصر والحفاظ علي القيم والمبادئ بداخله ومتابع جيد لقضايا وطنه ومهموم بحلها والتفاعل معها وعشقه للنيل والتاريخ يجعله مصري إيجابي لا يتهاون ويتقاعس في تلبية نداء العودة للوطن وخدمته... لا يجب أن تكون نظرتك ظالمة لهذا الشاب المغترب، وعلي رأي المثل القائل: " الغربة كربة.. والألم فيها يصل للرقبة
"إذا اتفقنا ياديدة الغربة أكلت من عمر أبي ولم تشبع وطحنت جسده؛ أبي اغترب واحترق وتمزق. الخلاصة.. **الغربة مضيعة الأصول**و** طاحنة للمشاعر** انظري هذا الصندوق أنه ممتلئ بالرسائل وكروت معايدة ومباركات لمناسبات خاصة من أبي كل ما يربطني بأبي سطور علي ورق، وعدد رؤيتنا له تُعد علي الأصابع؛ مشاعرنا مربوطة بوصول الخطاب، ومرهونة بمكالمة أو تذكرة سفر.. صحيح وفر لي حياة رغدة ولكني دفعت ثمنها البعد وهو دفع ثمن كبيــــــر غربة عنكي وعنا ولولا وجود أمـــــي وعدم سفرها معه كانت ضاعت أصولنا...
هي ممزقة بيننا.وأنا لا أريد تكرار حياة أمي وأبي، أنا أريد مشاركة أهلي فرحهم وحزنهم. وغدا سأبلغ العريس عن سبب رفضي أنني ورقة رافضة الاقتلاع من جذورها وأنه سيجد من لديها نفس رغبته في السفـــر وأنا سأجد من لديه الرغبة في البناء والحياة والموت في الوطــن. كلانا يبحث جيدا علي من يناسبه.. وأيضا سأبلغ العائلة في ميعاد لمتنا هنا بقراري هذا... أنا جذوري ضد الاقتلاع.



تم نسخ الرابط