فنجان اليـوم مــع ديدة فنجان بنكهة الأبيض والأسود. بنكهة زمان أيام الطفولة؛ اجتمعنا اليوم صغارا وكبارا عند ديدة لنحتفل معها بعيد الربيــع ونحتفل جميعا ونأكل ما لذا وطاب من أنواع السمك المُملح وصل الجميــع لبيت ديدة التي رحبت وبفرحة؛ وكانت قد جهزت ما لذا وطـاب من الطعــام وتجمع كل أفراد العائلة وجلس الجميع في حديقة بيت الجد والجدة وظلوا يضحكون ويتكلمون ويأكلون؛ وبعدما فرغ الجميع من الطعام قاموا الصغار ليلعبون ويجرون؛ وقاموا الشباب ليتنافسون في لعب الكــرة, ومنهم لعب الشطرنج, ومنهم جلس يتسامر ويتحدث... وهنا وصلت ديدة بالكاسيت وشغلت أغنية الربيــع( لسعاد حسنى) وظل الجميــع يردد مع الأغنية ويعلو الصوت ويعلو ونغنى بفرحة الدنيا ربيع والجو بديع قفلي علي كل المواضيــع...وفاجأتنا ديدة كالعادة بهدوء صوتها وقالت: يا أهلا بالأحفـاد ويا بختي بالبنات وعندي كمان أولاد ومين قال: هيشارك ديدة في الحكايات..كله جري وتسابق مين يقعد جانب ديدة وفي حضنها؛ وديدة قالت: نقعد في دايرة عشان نسمع الحدوتة؛ قعدوا وهللوا يا لله يا ديدة احكلنا حكايتك الجديدة...قالت:كلنا نقول كان يا ما كان... حُكي في قديم الزمان كان في ولد أسمه ربيع وباباه بردوا اسمه ربيع وكمان جده اسمه ربيع وكل أجداده اسمهم ربيـع من أول واحد من زمــان من 5000 سنة؛ والولد ربيـع بيزورنا في يوم أسمه شم النسيم يوم الجو فيه جميل وكل مكان تمشي فيه تلاقي زهرات جميلات وألوانها كتيرة وكل شجــرة مكسية بورقها الأخضــر ولو رفعت راسك للسماء الصافية ولونها اللبني..تشوف جمال الخالق.
وكان احتفال أهل ربيــع المصريين القدماء بعيد شم النسيم, يضعون زورق شمسي على سفينة مزخرفة جميلة تسير مع تيار النيل،ويدق الرهبان والجنود الطبول؛ ويتغنون على شاطئ النيل، ويتمتع الفرعون والوزراء والجماهير بالمنظر ويفرح الأطفال؛ والجميــع, وكان أهل ربيع عارفين أن البيض رمز للحياة، وكانوا يسلقون البيض عشية العيد، ويلونها بألوان مختلفة، ثم يكتبون أمنياتهم فوقها وفي يوم ربيــع سلق البيض وجلس هو وأخواته يلونون البيض ويضعه في سلة جميلة مصنوعة من سعف النخيــل؛ وكل واحد منهم كتب أمنية علي البيضة الخاصة بيه ورصوا البيض المنقوش بأمنيــاتهم جنب بعض ودخلوا يناموا ليستعدوا في الصباح الباكـر للنزهة في الحدائق التي تطل علي النيـل؛ نام ربيع واستغرق ورأى في المنام بيضة تجلس وحيدة وحزينة وكان لونها أســود؛ أقترب منها ربيــع وسألها عن جلوسها وحيــدة وعن لونها الغريب ولماذا تبكـي؟ردت البيضة أنا حزينة بسبب حزين الولد اللي لوني أســود ونقش أمنية بتقول: أريد أن أمشي علي قدمــي ووضعنــي في السلة جنب باقي بيض أصحابه الملون ألوان مبهجة وجميـلة,وفي يوم الاحتفال خرج الجميــع للساحات ومعهم سلال البيض الملون يحتفلون ويجرون ويلعبون ما عادا هذا الولد؛ وقاموا بعد اللعب بأكل البيض ولكن صديقي لم يأتـي ليأكلني فمكثت وحيــدة داخل السلة طوال اليوم وحزينة ولم أشعر بالفرح ولا السعادة؛ ففكرت ماذا أفعل.. ماذا أفعل قلت: سأزور ربيــع ذلك الولد الطيب الذي يأتي كل مرة ومعه هدايا لأصحابه وأحكي له حكاية هذا الولد ليحقق له أمنيته في النزهة واللعب معكم. استيقظ ربيــع من النوم علي صوت أخواته هيا يا ربيــع حتى لا نتأخــر؛ أفاق من نومه, واستغرب وأسرع لأمه وسألها قائلا: أمــي أيسكن بجوارنا طفل مريض لا يستطيع المشي علي قدميه. قالت الأم: نعـم يا ربيـع هناك ولد مريض يجلـس وحيدا ينظر عليكـم من شرفة منزله يدعى حزيـن. لما السؤال عنه؟؟ أستأذنكِ يا أمي في اصطحابه اليــوم لكي يحتفل معنا ويمرح ويلعب؛ الأم:كيف يلعب وهو بدون قدمين؟ من خلالي سألعب معه وأجري به بكرسيه ونظل جميعا نلعب ونضحك ونهتم به. وافقت الأم... وخـرج الجميـع ومعهم الولد حـزين الذي كان طوال الوقت في غاية السعادة والفرح وانتهي اليـوم,وعاد الجميــع فرحين وسعداء؛ وشكر حزين أصدقائه علي هذا اليــوم الجميــل.
ونام ربيــع ورأي البيضة في المنام وقد تغير لونها من الأسود للألوان كثيــرة وكانت ضاحكة ومنقوش عليها أتمني أن تظل ربيعــي. فقال ربيــع لها: أأنتي هي نفس البيضة؟ قالت: نعــم وجئت إليك لأشكرك وأخبرك بفرحة صاحبـي اليـوم وسأزورك العام القادم فلا تنسوا تلويـن البيض ومساعدة الغيــر وإسعادهم في كل وقـــت.
وقـــالت ديدة: أحفــادي أتمني أن تظلوا محتفظين بالتراث القديم ولديكـم الحب والإصــرار علي الحفاظ علي معالم أعيادكم وتورثوها لأولادكم وأحفادكم وتظل تورث لأجيـال وراء أجيـال لكـي يحتفلون بكل الأعيـاد برونق وبهجة وترابط وحـب ولمة.
كل عيـــــــــد ربيع وشم النسيم وأنتم بخيــــــــــر وترابط وحب؛ وبهجة.ولدى أمنية سأنقشها علي بيضتي هذا العام.
**أن يحفظ الله مصــــــــــر**