ads
السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
تحيا مصر تحيا مصر
رئيس مجلس الإدارة
سامح جابر
ads

مع اقتراب شهر رمضان الكريم نجتمـع دائما كلنا عند ديدة؛وتحرص ديدة بشكل دائم أن تقدم الخير لمن يحتاج، ونجتمع على حب الخير من خلال تعبئة أكياس رمضان.
الصغير والكبير يتشارك في شراء المنتجات التي توزع على الأكياس ونجد ديدة حريصة علي شراء أجود أنواع التموين لعلمها أنها إهداء لعباد الله وعلمتنا هذا أي عطاء ينظر إليه الله ويقع في يد الله فلا يصح أن يكون العطاء غير لائق.
وفي الصباح الباكــر ذهبت مع ديدة لشراء الطلبات الخاصة لوضعها في أكياس التوزيع؛ واستغربت جدا هذا العام قبل نزولي معها قالت: أنها مُقاطعة لياميش رمضان وهي الآن تشتري ياميش_ ديدة نسيت أنها مُقاطعة_ أيجب تنبيهها وتذكيرها بقرارها؛ واحترت جدا في الأمـر.
ودفعنا وخرجنا وفي طريق العودة قالت لي: حفيدتي يا جميلة مستغربة من شرائي الياميش؛ وضحكت وتركتني وحيرتي وفضولي القاتل وقالت: غدا تعرفي تفسير شرائي للمكسرات؛ أعلم أنني كنت قررت هذا العام المُقاطعة,, وعندما يجتمع الجمع الجميل فغدا درس للجميع... ونظرت إليها والفضول يقتلني وتساؤلات تدور في عقلي؛ ولسان حالي يقول: غدا قريب لما نشوف مفاجآت ديدة اللذيذة.
جاء الصباح ومن باكر جدا بدأ الجميع يتوافدون لليوم المنتظر من العام للعام؛ خرجت ديدة علينا في الحديقة وكنا قد بدأنا في وضع الطاولات والمفارش عليها لنبدأ في توزيع وتقسيم وتجميع وتعبئة الأكياس؛ وكل فرد له وظيفة ومُهمة وكفريق محترم مُقسم لمجموعات تعلمنا هذا من آبائنا وأمهاتنا من الصغر وكل جيل يعلم الجيل الأصغــر وكل فرد لازم يشارك كل حسب مجهوده وماله..غير مسموح بالتقاعس.
صبحت ديدة علي الجميع وألقت كلمة بتهنئة حنونة تعودت أن تجددها كل عام؛ وقالت:** مــع اقتراب رمضان هذا الضيــف الغالي ومثل كل عام نجتمع هنا للمشاركة في تحضير هدايا لأحباب الله وشفعائنا لله؛لقد قررت هذا العام أن أضع في تلك الهدايا ما تهفو إليه نفسي..فأنا أعشق نوع من المكسرات**عين الجمل** سأهدي بها حبيب من أحباب الله ولن أضعها في فمي هذا العام وهدفي لأجرب أحساس رغبتي في الشيء وحرماني منه**.
يا أحبابي كنا زمان ونحن صغار نسأل لماذا نصوم يخبروننا لنشعر بالفقير وجوعه وعطشه... نصوم ونجوع ونعطش وأخيرا نفطر علي ما لذ وطاب ونحلي وعصائر وطوال فترة الفطور مكسرات؛ فأين شعورنا بالفقير ماعدا أحد يشعر بالفقيــر...
منا من يفتخــر أنه يشتري مكسرات وياميش من الخارج؛ ومنا من يملئ أكياس رمضان بالرديء؛ لا يقبله علي بيته والاسم أنه أخرج شنط للمحتاجين..وأعطاهم
بالأمس اتصلت زوجة ابني تشتكي منه هي تريد مُقاطعة الياميش لكي تعلم وتربي أولادها علي التنازل عن شيء ليس ضروري ولن نموت من دونه وولدي مُخالفاً رأيها كيف يحرم أولاده من شيء يحبونه واعتادوا عليه.
يا ولدي أنت مخطئ لابد من تربية أولادك علي التنازل وعلي التدبير في الإنفاق اليوم معنا وغدا يعلمه الله لابد من تعويدهم على التعاون معك في تحمل نقص..أو ظروف طارئة. يجب تعويدهم ليس كل طلب مُجاب حتى لو في جيبك ثمنه؛ علمهم العطاء مما يُحبون وأكثر الأشياء حباً...
أتذكر يوما جئتني وقلت أن مدرستك طلبت منكم أن تجمعوا أشياء مما تمتلكون لتقديمها لأيتام في نفس سنكم؛ قلت لك: اذهب لغرفتك واختر ما تريد الاستغناء عنه ولكن تذكر أن هذا الولد المحتاج ليس أقل منك فالشيء الذي لا ترضاه لنفسك لا تعطيه إياه... وبعد قليل جئتني وأخيك وكل منكم حاملا أشياء وجلسنا نفرز تلك الأشياء وتعلمنا سويا وكنت أنت جئت بالكثير؛ قلت لك: يومها كل هذه الأشياء حتى ألعابك لن أشترى بديلا لما أخرجت؛ كنت أريد تعليمك ليس معني إخراجك أنني أشتري بديلا لك؛ ففكرت قليلا وقلت لي: لا أريد بديلا. وأخيك يومها كان يمتلك بنطلون جديد لم يلبسه من قبل وقال: أريد أن اهدي هذا للطفل اليتيم ليشعر بلذة الجديد... فرحت لقراره وأخبرته لن أشتري جديد؛ وأيضا أصر علي موقفه؛ يومها تعلمنا نحن الثلاثة دروس وترسخ داخلكم قيم ومبادئ وأهمها العطاء من نعم الله الذي أنعم بها علينا وليس مما استغنينا نحن.
فلماذا يا أولادي تخشون علي أولادكم من هذا التعليم أأنا كنت قاسية القلب وأنتم أحن؟؟ أأنا بخيلة وأنتم أشد كرما مني؟
والآن كل الأحفاد أجمع هنا؛هذه أكياس بها مكسرات وأكياس حلوى وعصائر وكل ما تحبون وتشتهون وتعشقون؛ كله إليكم... من أخذ منها لنفسه بالهناء ومن أخذها ووضعها في كيس التوزيع هنيئاً له الحسنات والدعوات..
أعلم أنه درس صعب واختيار أصعب ولكن التدريب والتربية واجب الشدة فيها أيها الآباء والأمهات لا تتهاونوا ولا تضعفوا أمام رغبات أولادكم من الحـب ما يؤذي ويدمر ويهد؛ وصدقوني أحيانا القسوة أسباب للسعادة ولا تعطون من غير حساب لأولدكم حتى لا يضيع إحساسهم بالنعم عندما تكون زيادة.. ولا تجعلوا الخوف عليهم سكين علي رقابكم؛ ولا تجعلوا وسواس الخوف من الحرمان يسيطر علي تصرفاتكم.
كل عام وأنتم بخيـــر وبركة ولمة وتصالح وحــب وتســامح



تم نسخ الرابط