" خطف الأطفال " بين تخلي الشرطة عن مسئوليتها وانعدام الضمير
الأمومة والطفولة: 125حالة خطف واتجار بالأطفال
أحد أهالي طفل مخطوف: معندناش قوانين كافية لحماية أولادنا
أستشاري نفسي: السبب وراء خطف الأطفال انتشار ذوي النفوس الضعيفة
حقوق الطفل: الإعلام وراء زيادة معدلات خطف الأطفال
انتشرت خلال الفترة الأخيرة ظاهرة في غاية من الخطورة، ظاهرة اهتزت لها كل القلوب، وقشعرت لها البدائن، ظاهرة خطف الأطفال، فهي قضية قد أثارت الرأي العام لانتشار عدد من حالات الاختطاف المختلفة، ولكن الغريب أنه لم تقتصر حالات الخطف على الأطفال فقط، بل امتد النطاق ليشمل الشباب أيضا.
فانتشرالذعر مؤخرا بين عدد كبير من المواطنين، لانتشار حالات الخطف بشكل متكرر سواء للتجارة بأعضائهم، أو طلب فدية، أو فقدانهم بسبب اهمال من قبل الأهالي.
ولم تقتصر استغاثة الأهالي على طلب النجدة فقط، بل قاموا بتداول صور أطفالهم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي " الفيسبوك"، فأصبحت صفحة "أطفال مفقودة" بمثابة وطن لمن يريد البحث عن طفل مفقود، والإبلاغ عن حالات متغيبة، ونداءات إلى أصحاب القلوب الرحيمة مع عدد من الصور وأرقام الهواتف الشخصية، لمن يتوصل إلى هؤلاء المفقودين.
وقام عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي" فيسبوك" مجموعة من الصفحات المختصة بهذا الشأن لمساعدة تلك الأسر، ومواجهة هذه الظاهرة التي انتشرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة، كصفحة " أولادنا خط أحمر "، " أطفال متغيبين "، والعديد من الصفحات الأخرى.
حيث رصد المجلس القومي للأمومة والطفولة عددا كبيرا خلال الربع الأول من العام الحالي، فتحدث عن 125حالة خطف واتجار بالأطفال.
فهناك العديد من الأسر مازالت محروقة القلب على اختطاف أطفالهم، ولا يعلمون هل هم أحياء أم أموات؟!
لم تعلم الطفلة هند ان ذهابها الي الحقل بلا عودة ، احتفت الطفلة " هند علي سيد " والتي تبلغ من العمر 5 سنوات ، والمقيمه بقرية صنافير مركز قليوب ، عن الانظار ولم تعد حتي اليوم منذ وقفه عيد الاضحى .
يروي "علي سيد " والد الطفلة عن اخر اللحظات قبل الاختطاف ، بدموع وكلمات حزينة ، الذي لا يعرف عنها اي شئ ، ويقول " ذهبنا الي الحقل وبعد فترة تركتنا للذهاب الي خالتها بالقرب من الحقل كما يحث في بعض الاوقات ، لكن هذا اليوم لم تعد ، ولم تذهب الي خالتها ، وقمنا بالبحث عليها في كل مكان ، لكن دون جدوي ، وعلي الفور قمنا بابلاغ مركز الشرطة وتحرير محضر بالواقعة .
ويستكمل والد الطفلة " طفلتي سليمة لا تعاني من اي امراض تجعلها تذهب الي اي مكان دون وعي ، وعند سؤال احد الاطفال التي كانت تلهو معهم ، اقروا بعد رؤيتها منذ ان تركوها في الطريق .
"بنتي مش عارفة فين ،، يارب رجعها بالسلامة " بهذه الكلمات بدات ام هند تبكي علي غياب طفلتها ، وتقول " انا قلبي محروق علي بنتي أنا مش عارفه هي عايشه ولا ميته ، لم اتذوق طعم النوم من يوم الواقعة ، تركت حجرتي واجلس بجانب الباب منتظرة احد ياتي بها او تاتي بنفسها ، ادعوا الله ان يطفئ نار تكوي قلبي عليها ، اجمع ملابسها كل ليلة واتذكر متي كانت تلبس هذه الملابس ، العيد لم نفرح به نعيش ايام صعب مريرة لا يعلم بها الا الله .
واختتمت قائلة " ربنا هو اللي هيحافظ عليها ، وانا وكلته امري .
"معندناش قوانين كافية لحماية ولادنا"، هكذا بدأت نعمة والدة الطفل عبد الرحمن محمد نور الدين، الذي فقدته في ظروف غامضة، حيث قالت " ابنى يعانى من متلازمة داون وفقدته اثناء شرائه بعض الاحتياجات الخاصة به من السوبر ماركت، كنت هموت عليه لما ببص جنبي مالقتوش وكنت زي المجنونة وانا بدور عليه"، وقمت باستخدام مكبرات الصوت، وطباعة صور له ملحقة ببياناته وأرقام التليفونات الخاصة بنا ولصقها على جميع جدران الشوارع، كما قمت بعمل محضر رسمي لفقدان نجلي، ولكن الشرطة قالت لي في القسم "نعملك ايه يعني ننزل ندورلك عليه بنفسنا"، وهو ما أثار غضب الام قائلة :" فوضت أمري ليك يارب".
وقالت نعمة، إنه ليس لدينا قوانين كافية لحماية أولادنا وعثرنا عليه بمجهودات المصريين، ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي كانت بمثابة القانون البشري والانساني، "ازاى في ظاهرة منتشرة بالشكل ده والشرطة تقولي ملناش دعوة، وكل الاجراءات الرسمية التي يتم اثباتها في القسم سواء محاضر او تحاليل DNA هي مجرد شكليات على ورق، لم ولن تفيد في عودة ابنائنا"، مؤكدة أن صفحة التواصل الاجتماعي "أطفال مفقودة هي سبب عودة ابني بعد نشر صورته على الصفحة الرسمية لهم قام أحد المواطنين بالتعرف عليه والحفاظ عليه داخل مسكنه الخاص لحين وصولي له".
وأضافت قائلة :" بناشد كل أم وكل أب حافظوا على أولادكم وخلوا عنيكوا وسط رأسكم لان محدش في الدولة هيفيدكم، ولو ربنا موقعش في ايديكم ولاد الحلال مش هتلاقوا عيالكم"، وطالبت وزارة الداخلية بتغيير بعض القوانين الخاصة بتغيب الاطفال، ومنها اتاحة الفرصة لعمل محاضر فور تغيب الطفل وليس بعد مرور 24 ساعة، حتى يتم انقاذ الاطفال قبل ان يصيبهم أي مكروه".
حيث قال الدكتور هاني هلال، أمين عام الائتلاف المصري لحقوق الطفل، والمتحدث الرسمي لائتلاف المؤسسة المصرية للنهوض بالطفولة، إن أهم أسباب إنتشار ظاهرة خطف الاطفال، هي تسليط الضوء عليها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك وتويتر"، ووسائل الاعلام المختلفة، وهي بدورها تقوم بتضخيم المعدلات ونسب الجريمة وقضايا خطف الاطفال بشكل عام.
وأضاف هلال، أنه لم يكن لدينا ارتفاع في معدلات خطف الاطفال على أرض الواقع، ففي عام 2011 وبعد ثورة 25 يناير والانفلات الامني الذي حدث في هذه الفترة، ارتفعت معدلات خطف الاطفال والاتجار بهم، سواء بالأعضاء البشرية أو بالتسول أو حتى لطلب ديه، مؤكداً أن مسئولة تزايد معدلات خطف الاطفال لا يستطيع أحد أن يجزم بها مطلقاً سوى احصائية من أقسام الشرطة والبلاغات المقدمة لفقدان الاطفال.
وطالب أمين عام الائتلاف المصري لحقوق الطفل، الجهات الامنية بإصدار تقارير رسمية سنوية بمعدلات الجريمة وخطف الاطفال للوقوف على نسب رسمية نستطيع من خلالها التحرك والتحدث عبر وسائل الاعلام المتخلفة وفقاً لتقارير وأرقام محدده، مشيراً إلى أن هناك العديد من الطرق الحديثة لعمليات خطف الاطفال في المولات والتجمعات الخارجية والمنتزهات، حيث يقوم خاطفو الاطفال بتغيير شكلهم جذرياً حتى يصعب التعرف عليهم، حتى من خلال كاميرات المراقبة المثبته في تلك المجمعات التجارية، كما أن هناك طريقة جديدة وهي "المراهم والمخدرات الموضعية" التي يقوموا بوضعها او رشها في المواصلات العامة والتي تسبب الاغماء الفوري، كي تسهل عملية الخطف سواء للكبار أو الصغار، فلابد من وضع تشديدات أمنية مكثفة للحد من تلك الظاهرة، كما أن للإعلام دور مهم في نشر ورفع درجة الوعي المجتمعي لدى المواطنين، وحثهم على الحفاظ على ابنائهم، وطرق حمايتهم".
وأكد هلال، أن للمجتمع المدني دائما ما يطالب بإصدار قوانين رادعة للحد من هذه الظاهرة، وتوفير سبل الرصد الفعلي، بالإضافة إلى اسراع المواطنين المتضررين بالإبلاغ عن فقدان ابنائهم، ورفع الوعي المجتمعي بهذه المخاطر واعلان سبل حمايتهم، ما أطالب بشكل شخصي، بإصدار تقارير موثقه من وزارة الداخلية بشكل سنوي عن عدد حالات خطف الاطفال، لان جميع التقارير التي صدرت بهذا الشأن لا يمكن الاعتماد عليها بأى شكل من الاشكال، "وحتى الحكومة لما بتطلع تقول مافيش ظاهرة ولا حاجة كلامها غير موثوق لأنها لا تملك أرقام وتقارير رسمية معلنه بهذا الشأن".
قال محمود البدوي المحامي، رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، وخبير حقوق وتشريعات الطفل، إنه مسمى "ظاهرة خطف الاطفال" غير دقيق، لان لا توجد اى احصائيات رسمية معلنة، وكلها اجتهادات، مؤكداً أنه بالفعل هناك وقائع خطف وزادت في عام 2011 و2013 بسبب الانفلات الامني، وهناك وقائع مثبتة واخرى غير مثبتة.
وأضاف البدوي، أن هناك ارتفاع في معدلات الجريمة، وانخفاض في درجة الوعي المجتمعي في هذا الشأن، مشيراً إلى أن الاسرة هي خط الدفاع الاول لحماية ابنائها، وبعدها يأتي دور الدولة حال فقدان طفلهم، ولابد من رفع "الفكر الوقائي" لان الحل ليس فقط في اصدار تشريعات جديدة، ولكن لابد وأن يكون المجتمع صديق الطفل.
وتابع قائلا :" إننا لدينا اقوى بناء وقائي تشريعي في العالم، ولكن يطبق على الورق فقط، والاشكالية هنا تكمن في تحويل هذا التشريع إلى واقع ملموس تنعكس على واقع المجتمع المصري، "لان لو قعدنا نعمل تشريعات جديدة مش هنخلص"، لدينا المادة الـ 80 من الدستور الجديد تنص على "التزام الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري"، والقانون رقم 64 لعام 2010 قانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، والقانون 126 لعام 2008، كل تلك القوانين تحمي الطفل، "الازمة تكمن بأن المجتمع لم يكن صديق للطفل".
وطالب خبير حقوق وتشريعات الطفل، المواطنين المتضررين من عمليات الخطف، عدم الانسياق لدفع فدية، ولابد من إبلاغ الشرطة، لان دفع الفدية هي موافقة ضمنية لتلك العصابات على استمرار ممارساتهم، لان لابد من ردع عام وليس خاص، لافتاً إلى أن كثير من الحالات التي دفعت الفدية والتي بلغت نسبته 80% لم ترجع اطفالهم و96% مما قاموا بإبلاغ الشرطة نجحوا في اعادة اطفالهم إليهم مرة اخرى.
قال " جمال فرويز " استشاري الطب النفسي، ان تلك الظاهرة متواجدة بالفعل في المجتمع ، وهذا بسبب وجود عصابات تستخدم تلك العملية، لسرقة اعضاءهم أو للضغط على الأهل من أجل الحصول على تعويض مادي، والسبب انتشار ذوي النفوس الضعيفة من الشخصيات السيكوباتية (المضادة للمجتمع (.
وأضاف "فرويز"، أن هناك اهمال من الاسرة احيانا في متابعة أطفالهم الصغار داخل المولات او بالشارع او محطات المترو والقطارات ، ونصح بضرورة الحرص الدائم علي الاطفال، وعدم تعرضهم للأماكن العامة الخالية بدون رقابة .