"اليونسكو" تستضيف أسبوع التعلم عبر الأجهزة المحمولة
تستضيف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" بالاشتراك مع مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين أسبوع التعلم عبر الأجهزة المحمولة 2017 تحت عنوان "التعليم في حالات الطوارئ والأزمات"، خلال الفترة من 20 إلى 24 مارس الحالي.
ويهدف المؤتمر الذي يعقد في العاصمة الفرنسية باريس إلى استكشاف كيف يمكن للتكنولوجيا أن تساعد في تلبية الاحتياجات التعليمية للاجئين وغيره من المتعلمين الذين شردتهم الطوارئ والأزمات، كذلك معرفة كيف يمكن للتكنولوجيا الحديثة ذات الأسعار المعقولة أن تساعد في تعزيز عملية الإدماج في التعليم، الحفاظ على استمرارية التعلم في حالات النزاعات والكوارث، فتح وإغناء فرص التعلم للاجئين وغيرهم من النازحين، تسهيل عملية اندماج المتعلمين في المدارس والمجتمعات الجديدة، تشجيع الابتكار في قطاع التعليم وتحسين تأثير الأداء البشري.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن العالم يشهد اليوم أعلى المستويات من النزوح التي سجلت على الإطلاق، وتقدر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن 24 شخصا أجبروا على الفرار من منازلهم كل لحظة في عام 2015، زيادة 4 مرات أكثر من عقد من الزمان، وتذكر الإحصائيات أن 1 من بين كل 113 شخصا على الأرض، قد نزحوا بسبب الصراع أو الاضطهاد، وأن 51 % من عدد اللاجئين في العالم هم من الأطفال، وكثير منهم انفصلوا عن والديهم.
وتشير وثيقة توجيهية جديدة بعنوان "لا مجال بعد اليوم للأعذار"، اشترك في إصدارها الفريق المعني بتقرير اليونسكو العالمي لرصد التعليم والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عن بيانات جديدة تفيد بأن 50 % فقط من الأطفال اللاجئين يواصلون تعليمهم الابتدائي، وأن 25% فقط من المراهقين اللاجئين يواصلون تعليمهم الثانوي. وتدعو الوثيقة إلى تمكين جميع المشردين قسرًا من الانتفاع بالتعليم في غضون 3 أشهر بعد تشريدهم، وتناشد البلدان وشركاءها في العمل الإنساني والإنمائي المسارعة إلى ضمان استيعاب المشردين قسرًا في خطط التعليم الوطنية، وجمع بيانات أفضل من أجل رصد أوضاعهم ومدى تقدمهم على صعيد التعليم.
وقالت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو في هذا الصدد إنه توجد الآن أعداد كبيرة لا نظير لها من السكان المشردين قسرًا،
مما يثقل كاهل نظم التعليم، ولكن يعد التعليم أمرًا مهمًا للغاية لمن يوجد بينهم من الأطفال والشباب، إذ يعزز مجرد وجودهم في المدارس حمايتهم من الاتجار بالبشر والتبني غير المشروع وزواج الأطفال والاستغلال الجنسي والعمل القسري".
وينطوي المتوسط العالمي لأعداد الأطفال اللاجئين غير الملتحقين بالمدارس على فروق كبيرة في ما بين البلدان، إذ يبلغ متوسط معدلات التسجيل في التعليم الابتدائي في مجموعة معينة من مواقع إقامة اللاجئين في جمهورية إيران الإسلامية واليمن 80 % ، بينما لا يبلغ سوى40 % في باكستان و50% في إثيوبيا.
وتعد سبل انتفاع اللاجئين بالتعليم الثانوي في بلدان كثيرة أقل من سبل انتفاعهم بالتعليم الابتدائي ، إذ كانت نسبة المراهقين الملتحقين بالمدارس الثانوية الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا أقل من 5% في باكستان وبنجلاديش وكينيا. وما زال التحاق الأطفال اللاجئين بمؤسسات التعليم الخاص بمرحلة الطفولة المبكرة محدودًا جدًا أيضًا في بعض البلدان، إذ بلغت نسبة الأطفال الملتحقين بها 7% فقط في تركيا في عام 2015.
وقال فيليبو غراندي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في هذا الصدد ، إنه يحق للأطفال اللاجئين الحصول على التعليم شأنهم في ذلك شأن سائر الأطفال أينما كانوا، ولا بد من توفير التعليم للأطفال الذين هجروا بسبب الحرب والعنف، وإننا نحث الجهات المانحة والمنظمات الإنمائية على دعم الجهود الرامية إلى استيعاب الأطفال والشباب اللاجئين في نظم التعليم الوطنية.
وأفاد آرون بينافوت مدير الفريق المعني بتقرير اليونسكو العالمي لرصد التعليم ، بأن جمع المعلومات عن السكان المتنقلين أمر عسير، ويكاد يكون مستحيلًا أحيانًا .
وأضاف بينافوت ، ويتعلق معظم المعلومات القليلة الموجودة لدينا باللاجئين الذين يعيشون في المخيمات، بينما يقيم أكثر من نصف لاجئي العالم في المناطق الحضرية ولا يعرف عن أوضاعهم سوى القليل، إذ لا تعمل نظم المعلومات على رصد أحوالهم. ولا بد لنا من معرفتهم والوقوف على أحوالهم وعلى مدى تلبيتنا الفعلية لاحتياجاتهم.
وتبين الوثيقة، استنادًا إلى بيانات مقتطفة من البيانات المتاحة عن اللاجئين المقيمين خارج المخيمات، أن نسبة اللاجئين السوريين الملتحقين بالمدارس، ممن هم في سن التعليم المدرسي، لا تبلغ سوى 53 % في الأردن و30% في تركيا.
وتفيد التقارير المتعلقة بالسكان المشردين داخليًا، وإن كان الحصول على بيانات موثوق بها عنهم أكثر صعوبة، بأن تنقلهم يثقل كاهل النظم التعليمية الضعيفة أصلًا بأعباء هائلة. ففي نيجيريا على سبيل المثال، لم يتمكن الأطفال المشردون بسبب هجمات جماعة "بوكو حرام" من الانتفاع في يونيو 2015 بأي شكل من أشكال التعليم في 19 مخيمًا من المخيمات التي يقيمون فيها والتي يبلغ مجموعها 42 مخيمًا.
وانتفع 32% فقط من الأطفال والمراهقين المشردين داخليًا بالعراق في عام 2015 بشكل من أشكال التعليم، ولم يلتحق بالمدارس في محافظة لحج باليمن سوى ثلث الأطفال المشردين داخليًا البالغة أعمارهم سن التعليم المدرسي، وكثيرًا ما تكون الفئات المهمشة أصلًا كالفتيات مثلًا، أشد الفئات تضررًا في صفوف اللاجئين. ففي مخيمات كاكوما بكينيا، كانت نسبة الفتيات 38% فقط من مجموع تلاميذ المدارس الابتدائية، وفي باكستان، التي كثيرًا ما يشار فيها إلى زواج الأطفال والحمل في مرحلة المراهقة لدى الفتيات اللاجئات، تبلغ معدلات تسرب الفتيات اللاجئات من المدارس مستويات عالية تصل إلى 90%.
وتبلغ نسبة النساء والفتيات بين السكان المشردين داخليًا في العالم 70%، وتعد النساء والفتيات الفئة الأقل تمتعًا بفرص التعليم، إذ تبلغ نسبة الفتيات غير الملتحقات بالمدارس اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و17 عامًا في محافظة النجف بالعراق 81% بالمقارنة مع 69 % من الفتيان من الفئة العمرية ذاتها. وقد تبيَن أن 1 % فقط من النساء المشردات داخليًا المقيمات في المناطق الحضرية في أفغانستان يعرفن القراءة والكتابة بينما تبلغ نسبة من يعرفون القراءة والكتابة من الرجال المشردين داخليا 20 %.
في حين أعلنت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في تقرير لها لعام 2016، أن أكثر من نصف الأطفال والمراهقين اللاجئين في العالم محرومون من التعليم في المدارس أي ما يقارب 3,7 ملايين طفل، من أصل 6 ملايين لاجئ في سن الدراسة في العالم. وأن 1,75 مليونا لا يقصدون مدارس ابتدائية، بينما 1,95 مليونا لا يحصلون على التعليم الثانوي.
وقال فيليبو غراندي مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إنها أزمة بالنسبة إلى ملايين الأطفال اللاجئين.. وإن تعليم اللاجئين يتعرض لإهمال شديد، داعيًا قادة دول العالم إلى تشجيع تعليم هؤلاء الأطفال.
وأشار غراندي إلى أنه وبينما تدرس الأسرة الدولية السبل الأفضل لمواجهة أزمة اللاجئين، علينا التفكير أبعد من حاجات البقاء، وتابع أن التعليم يتيح للاجئين بناء مستقبل إيجابي في البلد، الذي يستقبلهم وفي بلدهم الأصلي بعد عودتهم إليه.
ويواجه الأطفال اللاجئون مخاطر أكبر بخمس مرات من سواهم بأن يحرموا من التعليم، وتشير تقارير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن عدد الأطفال والمراهقين في سن الدراسة من اللاجئين والمهاجرين ظل مستقرا نسبيا خلال العقد الاول من القرن الحالي وقارب 3,5 ملايين نسمة، لكن ومنذ العام 2011 هذا العدد في تزايد مستمر بوتيرة 600 ألف شخص سنويا، وأنه في عام 2014 وحده، ارتفع عدد اللاجئين في سن الدراسة بـ30% ما يحتم إنشاء 12 ألف صف دراسي كل عام، وإيجاد 20 ألف معلم ومعلمة جدد كل سنة، بحسب الامم المتحدة.
ويقيم أكثر من نصف 3,7 مليون طفل ومراهق لاجئ محرومين من التعليم في 7 دول هي لبنان وتركيا وباكستان وتشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية واثيوبيا وكينيا.
وتابعت المفوضية أن تركيا التي تستقبل أكثر من 2,7 ملايين لاجئ سوري عاجزة عن تأمين التعليم لأكثر من 39% من اللاجئين في سن الدراسة. والعدد مشابه في لبنان (40%) بينما يحصل 70% تقريبا من اللاجئين الصغار على التعليم في مدارس ابتدائية أو ثانوية. وفي الاجمال، يوجد نحو 900 ألف لاجئ سوري في سن الدراسة محرومون من التعليم في العالم.
وتسعي منظمة اليونسكو والمفوضية بالتعاون مع الاتحاد الدولي للاتصالات، وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وجميع القادة والخبراء العاملين في قطاع التعليم والتكنولوجيا في جميع أنحاء العالم، بعرض الخيارات المتاحة للحكومات والمنظمات الأخرى التي تعمل على تحويل التكنولوجيات المتنقلة لخدمة التعليم.
وقال مارك ويست، وهو متخصص في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل التعليم في اليونسكو، إن إمكانات استخدام تكنولوجيا الهاتف النقال يسهل في عملية التعلم في حالات الطوارئ والأزمات الكبيرة ، ولكن نحن نحاول مجرد بداية لفهم كيفية تحقيق الاستفادة القصوى من ذلك وكيفية الاستفادة من ذلك على نطاق واسع. إن لدي اليونسكو برنامج مخصصة في دراسة استخدام التقنيات النقالة أو المحمولة في التعلم بأسعار معقولة ، وتقدم خاصة للفئات الضعيفة من السكان.
وقد أنشأت المنظمة وحدة الابتكار التي تطور حلول جديدة لمساعدة اللاجئين وفي شراكة مع المنظمات الأخرى لدعم وتوسيع الابتكارات التعليمية المتطورة.
وتعمل المفوضية أيضا في شراكة مع الجامعات والمنظمات والجهات المانحة في الاتحاد العالمي للتعليم علي تعزيز والتنسيق لتوفير جودة تعليم معتمد في سياقات الصراع والأزمات والتشرد.
وقد أطلقت لجنة الإنقاذ الدولية مشروع رائد لمدة عام مع شركة المعلومات والاتصالات إيريكسون، مما وفر إطارًا للتكنولوجيا يتيح للمعلمين اللاجئين الحصول على الموارد الكفيلة بالوفاء باحتياجات الأطفال المتضررين من النزاعات، ولاسيما من أجل اكتساب المهارات الاجتماعية ـ العاطفية، إضافة إلى القراءة والكتابة والحساب.
وقد تم تقديم مشروع يستخدم التكنولوجيا السحابية لتدريب المعلمين اللاجئين السوريين على كيفية التعامل مع الطلبة المصدومين بشكل أفضل، وذلك كجزء من حدث اليونسكو البارز الخاص بتكنولوجيات المعلومات والاتصالات، وهو أسبوع التعلم بالأجهزة المحمولة لعام 2017.
ويوفر المشروع معدات تكنولوجيات المعلومات والاتصالات ووسائل الاتصال في 10 مدارس رائدة عن طريق جهاز خادم محلي سحابي، فضلًا عن الوصول إلى شبكة الإنترنت من خلال جهاز "التابلت"، كما يتيح تدريبًا متخصصًا لحوالي 150 معلمًا. ويتم الاتصال بشبكة الإنترنت في المخيم المذكور عن طريق شركة "آسياسيل"، المزود الرئيسي لخدمات الاتصالات عالية الجودة في العراق. وفي معرض تقديمها للمشروع، قالت كيمبرلي سميث المسؤولة في اللجنة الدولية للإنقاذ، للمشروع ، إن الإطار المقترح يتيح للمعلمين تحميل مواد شاملة لتدريب المعلمين دعمتها اللجنة الدولية للإنقاذ".
وأضافت سميث، أن الهدف من المشروع إنما يتمثل في تغطية المهارات الأكاديمية والاجتماعية والعاطفية، مع الأخذ في الاعتبار حالات الضغط النفسي التي قد يكون الطلبة عانوا منها. ويرى المعلمون أن التكنولوجيا السحابية متاحة طوال الوقت وتسمح لهم بالعمل وفق وتيرتهم، إضافة إلى تبادل خبراتهم.