الأحد 27 أكتوبر 2024 الموافق 24 ربيع الثاني 1446
تحيا مصر تحيا مصر
رئيس مجلس الإدارة
سامح جابر
ads

اللواء دكتور رضا فرحات يكتب: مصر وتجمع البريكس..آفاق جديدة للتنمية الاقتصادية والسياسية

اللواء رضا فرحات
اللواء رضا فرحات محافظ القليوبية الاسبق

 

 

شكلت مشاركة مصر في قمة قازان ضمن تجمع بريكس محطة مهمة على طريق تعزيز التعاون الإقتصادي والسياسي للدولة المصرية مع الإقتصادات الصاعدة عالميا بما يتوافق مع رؤيتها للتنمية المستدامة وتحقيق الاستقرار الإقتصادي، حيث يمثل انضمام مصر إلى تجمع إقتصادي عالمي كبير مثل بريكس فرصة واسعة لدعم إقتصادها الوطني وتوسيع نفوذها السياسي، ودعم موقفها في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية كما أنه يزيد من فرصها من الدخول في شراكات إستراتيجية مع دول ذات قوة إقتصادية كبرى.

مكاسب إقتصادية واسعة: التعاون التجاري والإستثماري

تتمثل أهم المكاسب الإقتصادية لمشاركة مصر في تجمع بريكس زيادة التعاون التجاري مع الدول الأعضاء، التي تشمل الصين، الهند، روسيا، البرازيل، وجنوب أفريقيا والتي تشكل نحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتضم ما يقارب 40% من سكان العالم، مما يجعل من التعاون معها فرصة إستراتيجية لمصر لتأكيد مكانتها التجارية والإستثمارية و فتح .آفاق جديدة أمام الإقتصاد المصري من خلال جذب استثمارات في مجالات حيوية مثل الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا ، ويعتبر تجمع بريكس منصة مثالية لإستقطاب الإستثمارات المباشرة الأجنبية التي يمكن أن تسهم في تعزيز الإقتصاد المصري وتقليل الضغوط الخارجية عليه، حيث يوفر البريكس العديد من الإمكانيات لدعم المشاريع الاقتصادية والتنموية في الدول الأعضاء، ودعم فرص مصر في جذب رؤوس الأموال اللازمة لتنفيذ مشروعات قومية كبرى.

خطوة نحو تخفيف الضغط على العملة الأجنبية

من أبرز الإنجازات الإقتصادية التي حققتها مصر في قمة قازان كانت مناقشة سبل تسهيل التجارة بين الدول الأعضاء باستخدام عملات بديلة للدولار الأمريكي كخطوة إستراتيجية مهمة للحد من الإعتماد على العملات الأجنبية، وتقليل الضغط على الإقتصاد المصري والمساهمة في تحقيق إستقرار مالي على المدى الطويل وتعزيز إستقرار الأسواق المالية وفتح فرص إستثمارية واسعة أمام مصر، حيث يمكن أن يسهل التعامل المالي والتجاري باستخدام العملات المحلية ويخفف من مخاطر تقلبات أسعار العملات العالمية.

الطاقة المتجددة في صلب الشراكة مع بريكس

وفي إطار الجهود المصرية لتعزيز التحول نحو الطاقة النظيفة، أتاحت قمة بريكس لمصر فرصة ثمينة لتطوير مشروعاتها في مجال الطاقة المتجددة، وذلك من خلال تعزيز التعاون مع دول البريكس، خاصة الصين وروسيا، اللتين تمتلكان خبرات واسعة في مجالات الطاقة الشمسية والرياح وهذا التعاون يساعد في تلبية إحتياجات مصر المتزايدة من الطاقة ويدعم خططها الطموحة للتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، مما يساهم في تحقيق أهداف رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، وتحقيق الإكتفاء الذاتي من الطاقة المتجددة يعد من الأهداف الإستراتيجية لمصر، ويأتي التعاون مع دول البريكس كوسيلة لتحقيق هذه الغاية، حيث تتيح هذه الشراكة الإستفادة من الخبرات والتقنيات التي تمتلكها الدول الأعضاء، إلى جانب جذب الإستثمارات إلى مشاريع الطاقة النظيفة الكبرى في مصر.

مكاسب سياسية في تعزيز الحضور الدولي والإقليمي

لم تقتصر المكاسب التي حققتها مصر من مشاركتها في قمة بريكس على الجانب الإقتصادي فحسب، بل أمتدت إلى المجال السياسي، حيث منحت القمة مصر فرصة للمشاركة في حوار دولي حول قضايا إستراتيجية كبرى مثل الأمن الغذائي، الطاقة، والإستقرار الإقليمي وتعزيز مواقفها وتطوير علاقاتها مع الدول الأعضاء، وتعزيز قضاياها الإقليمية والدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والأوضاع الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وقضية حقوق مصر المائية، حيث تمثل هذه الملفات قضايا أمن قومي ذات أولوية إستراتيجية لمصر و تسعى من خلال هذا التجمع إلى بناء تحالفات سياسية متنوعة تدعم إستقرارها السياسي والإقتصادي، ومنحها الفرصة لبناء شراكات إستراتيجية مع دول تتمتع بثقل إقتصادي وسياسي، مما يسهم في دعم دور مصر كداعم للإستقرار الإقليمي، خصوصا في ملفات الأمن الغذائي والمائي.

دور محوري كجسر للتواصل بين إفريقيا والبريكس

جاءت مشاركة مصر في بريكس أيضا لتعزيز مكانتها كجسر للتواصل بين القارة الأفريقية ودول البريكس، وإستغلال موقعها الإستراتيجي لتعزيز الشراكات بين الدول الأفريقية ودول البريكس، بما يخدم تحقيق التنمية المستدامة والسلام العالمي و التعاون مع تجمع يضم دولا قوية إقتصاديا بما يسهم في دعم مشروعات التنمية في القارة الأفريقية، ويتيح لمصر فرصا أوسع في دعم التنمية المستدامة وتعزيز دورها الدبلوماسي كقائد إقليمي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا كما أن هذا الدور كجسر للتواصل بين أفريقيا والبريكس يعزز من نفوذ مصر السياسي، ويتيح لها لعب دور محوري في تفعيل التعاون بين القارة الأفريقية والدول الأعضاء في بريكس، بما يدعم تحقيق السلام والإستقرار الإقليميين، ويدعم طموحات مصر الاقتصادية والسياسية على حد سواء.

تطلعات مستقبلية: استفادة مستدامة من الشراكة مع بريكس

تطمح مصر إلى الإستفادة المستدامة من شراكتها مع دول بريكس، سواء في المجالات الإقتصادية أو السياسية و هذا التجمع الإقتصادي الهائل يشكل فرصة فريدة لمصر لتحقيق أهدافها التنموية وتعزيز إستقرارها المالي والسياسي و الإستفادة من تجمع بريكس كمنصة لتعزيز دورها في الساحة الدولية، خاصة في قضايا مثل الأمن الغذائي والمائي، والتي تمثل تحديات حيوية تتطلب التعاون الدولي.

باختصار، تعكس مشاركة مصر في قمة بريكس حرصها على بناء شراكات إستراتيجية مع الدول الصاعدة إقتصاديا وسياسيا ويسهم هذا التعاون في فتح آفاق جديدة للتنمية المستدامة في مصر، ويعزز من قدرتها على مواجهة التحديات العالمية الراهنة.




تم نسخ الرابط