تشرق الشمس كل يوم مُعلنة عن ميلاد يوم جديد وصباح جميل هذا بالفعل ما شعرت به عندما عرفت وشاهدت ما قام به طفلي الصغيـــــــــــر؛ ما قام به جعل شمس الأمل تشرق داخلي وتنير بأشعتها أماكن الإيجابية.
قررت أصحبكم اليوم معـي ولا أحرمكم من التمتع بمذاق فنجان اليوم وتذوق السعادة، والأمل.
مستعدون... هيا ديدة في انتظاري لاصطحابها لمكان الاحتفال. نعم احتفال؛ استلمت دعوة لحضوري الحفل السنوي لعيد الأم في مدرسة ابني وأنا حريصة علي حضوره وأيضا ديدة تذهـــــب معي كل عام.
صباح الخير ياديدة كالعادة مستعدة وتنتظري في الميعاد ومُحترمة مواعيدك حبيبتي يا ديدة أنت قدوة جميلة؛ طبعا يا حفيدتي لابد من احترام المواعيد
مخلوقات الله جميعها تحترم ميعادها الشمس تأتي في ميعادها كل يوم والفصول لا تخلف ميعادها، حتى الطيور تخرج صباحا وتعود مساءا ألا نتعلم منهم النظام والعمل،، والاحترام؛ هيا هيا ونكمل حديثا بالطريق،،، أراكي مشرقة وجميلة اليوم يا حفيدتي، هذا صحيح يا ديدة السبب دعوة المدرسة التي استلمتها هذا العام مختلفة عن كل الأعوام السابقة هذا العام سيتم تكريمي كأم مثالية_ وهنا سكت للمفاجأة_ حفيدتي ستكرم يا الله لا أصدق مبروك يا حفيدتي.
وصلنا لمكان الحفل(المدرسة) ودخلنا والجميع هلل وسلم ورحب بديدة التي تمتلك شعبية كبيرة وحب جارف من الجميع يعرفونها من زمن الزمن من الأصحاب الأوائل للمدرسة وايجابيتها في الحفاظ على نمط المدرسة وعلى تربية أولادها على احترام قوانين ولوائح نظام المدرسة. ديدة تعتبر المؤسس الرئيسي في بناء سمعة هذه المدارس؛ جلسنا في المكان المُخصص والمُعد للأولياء الأمور؛ وفي الموعد بدأ الحفل وبدأت الفقرات؛ وصعدت المديرة وألقت بكلمتها وبدأت فقرة تكريم المدرسات المثاليات ثم الأمهات وكنت من ضمن هؤلاء الأمهات وكنت أصغر أم وتعجبت كثيرا... ولكن كلمة المديرة أزالت التعجب..وإليكم الكلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله علي ما مضى؛ وعلي ما نحن به الآن؛ وعلى ما سيأتي والحمد الله في كل الأحوال.
شكرا.. لكل أم حملت تسعة أشهر وتعبت في التربية؛ شكرا للحفيدات التي سارت علي نفس الدرب لتفرز للمجتمع نشء سليم البنيان ومعافى نفسيا ومثالي أخلاقيا.
اليوم نعترف بالجميل والعرفان وهذا أقل شيء يمكن أن يقدم للأم لإسعادها وإدخال البهجة إلى قلبها فكم عانت لنعيش وكم سهرت لنستريح وكم قلقت لنسعد وكم..... وكم......
عسى الله أن يحفظ لنا أمهاتنا جميعًا ويمد بأعمارهن على طاعته ويرزقنا برهن والإحسان إليهن ما حيينا....
اليوم لدينا تكريم مختلف وغريب نحتفل ونُكرم أم ومعها ابنها أم صغيرة ولكن تربيتها مثال يحتذي به أم مثالية رغم صغر سنها وابن قدوة رغم عدد سنواته القليلة.
حفلنا اليوم تحت شعار( هكذا تكون القدوة).
فلتتفضل أم اليوم وابنها الطالب ونادت علينا وصعدنا للمنصة، سلمت علينا ووجهت كلمة شكر خاصة وسردت سبب اختياري وتكريمي ومعي ابني السبب في تكريمي.
الحكاية بدأت عندما لاحظت مدرسة الفصل تغير طرأ علي تلميذ لديها من تدهور صحي وتعليمي وسلوكي من سيء للأفضل؛ راقبت هذا الولد ووجدت صديقه في نفس الفصل قام باحتوائه وتبنيه نعم هذا التلميذ الصغيـــــــــر تبنى صديقه الذي تيتم وفقد أمه ونحن لم نشعر؛ جاءت المُعلمة بهما وبدأت تسألهم ولخصت الموضوع وجاءت وحكت لي الحكاية التي هزت مشاعري؛ وسأسردها باختصار شديد...
بدأ التلميذ مؤيد باحتواء زميله محمود الذي مرضت أمه وبسبب مرضها واحتجازها بالمستشفى وجد محمود نفسه وحيد ومُهمل يذهب كل يوم إلى المدرسة بدون وجبة الفطور ولكن زميله مؤيد يأتي إليه بالوجبة مُعدة إليه وخاصة به ويجلسا سويا يتناولان فطورهم؛ ووقت الاستراحة (Break) ويُذاكران سويا دروسهم ويقومان معا باستكمال ما ورائهم من واجبات(Home work) وهكذا يوميا. ثم جاء قدر الله وتوفت الأم وتركت الولد الصغيـــــر وحيدا بلا رعاية وبلا دفيء وحنان وغاب الولد فترة وعاد ليجد أخ وصديق في انتظاره بنفس التعاون والحب؛ كان محمود في البداية مهزوز ومنطوي وبعد فترة سرعان ما عاد لحالته وتفوقه وهنا أردنا تكريم الثلاثة الأم وابنها المثالي وصديقه محمود؛ والتكريم يحمل معاني جميلة ويوضح لنا درس عملي القدوة فعل لا شعار.واترك الميكرفون للأم لتكملة الحكاية..
بدأت ودموعي لا أتحكم فيها دموع فرحة، وفخر. جاء مؤيد ابني يوم علي غير العادة حزين وباكي، وارتمى في حضني وظل مختبئ وكأنه يهرب من شيء؛ سألته ما بك... غلبته دموعه واهتز الكلام وخرج مرتعش خرج من قلب مُرتعش وممتلئ بغصة وجعتني وزاد إصراري علي معرفة ما الشيء الذي نغص علي وليدي؛قال:اليوم عرفت من زميلي ورفيقي بالمقعد( Desk) مرضت وهي في المستشفي من ثلاث أيام وهو يعود يظل جالس وحيدا ويذهب لرؤيتها ويعود مع والده ولا أحد يرعاه؛أمي ممكن أطلب منكِ طلب ممكن من غدا حضري له وجبة فطور وقام مسرعا وجاء بالحصالة وقال خدي يا أمي ما ادخرت لتكلفة وجبة محمود.. نظرت لوليدي وفرحت وقلت: من الغد لك وجبة ولمحمود وجبة.. رد مسرعا وجبة محمود تشبه وجبتي تماما لو سمحتي يا أمي. وظل فترة علي هذا لم يكل ولم يمل وكلما اشتري شيء من المتجر يشتري مثلها لمحمود.. ويوم أجازة المدرسة يذهب مع محمود لزيارة الأم المريضة ثم يعودا ويجلسا في غرفته يذاكران ويلعبان حتى الليل يأتي الأب ويصطحب الابن ومعه ملابس المدرسة وهي نظيفة ومكوية. إلي أن جاء يوم رحيل الأم من حياة ابنها. بكي وبشدة مؤيد وحزن جدا ولكني وجدته يطالبني بطلب غريب أمي بعد إذنك فكرت وقررت أن أتبنى محمود أريد أن أكون الأب له وأحتويه وأكون معه؛ نظرت وتعجبت،فرحت،وبكيت؛وقلت:لا عليك سأساعده بالمال؛ غضب وليدي وبشدة مال......مال محمود ليس مُحتاج مال أنه مُحتاج احتواء واهتمام؛ أمي كفالة اليتيم ليست مال فقط.
وتحت رغبة وإصرار ابني وافقت وقلت: اتركه يُجرب؛ ونرى ماذا يقدم؟ في الحقيقة شعرت في بداية الأمر ربما يكون تلك الرغبة سببها تأثره بالموقف ومع مرور الوقت يمل ويتعب؛ ولكن كلما مر الوقت زاد العطاء والود والتعلق بالفكرة والإصرار علي تكملة المشوار والسعي في إسعاد محمود.واليوم أنا فخورة بوليدي الصغير سنا والكبير فعلا، ابني أعطاني درس هكذا تكون الكفالة؛ والعطاء ليس خاص بالكبار ولكن الصغار لديهم عطاء وأفكار وأشياء يعطونها.
وفي نهاية كلمتي..... أعطوا أولادكم الفرصة، وأعينوهم على العطاء، واكسبهم الثقة؛ هم النافذة للغد المشرق كما أنهم مرآة لكم... اليوم أشكر ابني الذي جعل مني أم مثالية وتحية لكل ابن ألبس أمه تاج العزة والشرف